السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الأحد، 26 أبريل 2015

كشكول ٨٨٤: السند الذي يروي به ابن عبد البر -رحمه الله- عن الأثرم عن أحمد بن حنبل...



السند الذي يروي به ابن عبد البر -رحمه الله- عن الأثرم عن أحمد بن حنبل...
قال ابن عبدالبر : «أخبرنا عبدالله بن محمد بن عبدالمؤمن، قال: حدثنا عبدالحميد بن أحمد الوراق، قال: حدثنا الخضر بن داود، قال: حدثنا أبو بكر الأثرم، فذكره بإسناده وذكر سائر كلام أحمد.
وكل ما في كتابي هذا عن الأثرم عن أحمد وغيره فبهذا الإسناد».
التمهيد (8/119).

كشكول ٨٨٣: التحذير من خطورة الغيبة!



جاءني على الواتساب:
كانت العربُ تخـدمُ بعضُهـا بعضـاً في الأسفـار، وكان مع أبـي بكـرٍ وعمـر رجـلٌ يخدِمُهمـا، فناما، فاستيقظا، ولم يُهيِّئْ لهما طعامًا، فقال أحدُهما لصاحبِه: «إنَّ هــــــــذا لنــــؤوم» فأيقَظـاه فقالا: «ائـتِ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- فقُلْ له :إنَّ أبا بكرٍ وعمرَ يُقرئانِكَ السَّلامَ ،وهما يستأدِمانِـك -أي؛ يطلبان الإدام للطعام-». فقال -صلى الله عليه وسلم-: « أَقرِهِمــا السَّلامَ، وأخْبِرْهما أنهما قد ائتدَمـا»،|ففزِعـــا، فجـــاءا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ...فقالا: «يا رسولَ الله، بعثْنا إليــك نستأدِمُـــكٓ، فقلتَ: «قــدِ ائتدَمــا»، فبأيِّ شيءٍ ائتدَمْنــــا؟!». قال -صلى الله عليه وسلم-: «بلحمِ أخيكُمــا ...والذي نفسي بيــدِه إني لأرى لحمَــه بين أنيابِكمــا ،-يعني؛ لحمَ الذي استغاباه-». قــــالا: «فاستغــفِـــــــرْ لنـــا»، قال -صلى الله عليه وسلم-: « هـو فلْيستغفِــرْ لكمــا».
|الراوي: أنس بن مالك، المحدث: الألبانــــــــي، المصدر: السلسلــة الصحيحة، الصفحــة أو الرقـــم: [2608] حكم المحدث: إسناده صحيح.
لا تذكرِ النَّاسَ إلا في فضائلِهـــم إيَّــاك إيَّــاك أن تذكـــر عيوبَهــــم.
تأمل…
هذا في أبي بكر وعمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهما-
ولم يستغفر لهم النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه ليس صاحب الحق.
وأمرهما أن يطلبا الاستغفار من صاحب الحق؛ لأنه هو من سيطالب به أمام الله -عز وجل-.

سؤال وجواب ١٧٣: ترتيب أولويات الحقوق


سؤال: 
«هل ترتيب أولويات الحقوق هكذا:
الزوجة : حق الله، ثم الزوج، ثم الوالدين، ثم الأولاد، ثم الأقرب فالأقرب.
الزوج : حق الله، ثم الوالدين، ثم الأخوات، ثم الزوجة، ثم الأولاد، ثم الأقرب فالأقرب».

الجواب:
ترتيب الحقوق ينظر له من جهات متعددة؛ 
فالزوجة:
- بعد حق الله،
- يأتي حق زوجها،
- ثم الوالدين،
- ثم أولادها،
- ثم الأقرب فالأقرب، كما ذكر في السؤال.
وفي مجموع الفتاوى (32/ 275): «وَلَيْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ بَعْدَ حَقِّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَوْجَبَ مِنْ حَقِّ الزَّوْجِ؛ حَتَّى قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَوْ كُنْت آمِرًا لِأَحَدِ أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدِ لَأَمَرْت الْمَرْأَةَ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا؛ لِعِظَمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا»، وَعَنْهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَنَّ النِّسَاءَ قُلْنَ لَهُ: إنَّ الرِّجَالَ يُجَاهِدُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ وَيَفْعَلُونَ وَنَحْنُ لَا نَفْعَلُ ذَلِكَ».  فَقَالَ. «حُسْنُ فِعْلِ إحْدَاكُنَّ يَعْدِلُ ذَلِكَ»، أَيْ: أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَحْسَنَتْ مُعَاشَرَةَ بَعْلِهَا كَانَ ذَلِكَ مُوجِبًا لِرِضَا اللَّهِ وَإِكْرَامِهِ لَهَا؛ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَعْمَلَ مَا يَخْتَصُّ بِالرِّجَالِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ»اهـ.
أمّا الزوج؛
- ففي النفقة يقدم من يعولهم من
الأبوين،
والأخوات،
والإخوان،
ثم الأدنى فالأدنى.
عن طارق المحاربي قال: «قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَائِمٌ يَخْطُبُ النَّاسَ، وَهُوَ يَقُولُ: «يَدُ الْمُعْطِي الْعُلْيَا، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ، أُمَّكَ وَأَبَاكَ وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ». أخرجه النسائي هكذا مختصراً (2485)، وكذا ابن حبان (الإحسان 8/ 130، تحت رقم: 3341)، وأخرجه الحاكم في المستدرك في سياق طويل (2/612). والحديث صحح إسناده ابن حبان والحاكم والضياء في المختارة، والألباني في صحيح سنن النسائي باختصار السند، ومحقق الإحسان.
- فإن لم يكن يعول أمه وأباه وأخته وأخاه؛
فإن حق الزوجة يلي نفسه مباشرة،
- ثم الولد،
- ثم الخدم.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «أَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالصَّدَقَةِ فَقَالَ رَجُلٌ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِي دِينَارٌ؟». فَقَالَ: «تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ». قَالَ: «عِنْدِي آخَرُ».  قَالَ: «تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى وَلَدِكَ».  قَالَ: «عِنْدِي آخَرُ؟». قَالَ: «تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى زَوْجَتِكَ -أَوْ قَالَ: زَوْجِكَ-».  قَالَ: «عِنْدِي آخَرُ؟». قَالَ: «تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى خَادِمِكَ» قَالَ: «عِنْدِي آخَرُ».  قَالَ: «أَنْتَ أَبْصَرُ». 
وفي رواية عند أحمد عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَثَّ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَقَالَ رَجُلٌ: «عِنْدِي دِينَارٌ»، قَالَ: «تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ»، قَالَ: «عِنْدِي دِينَارٌ آخَرُ»، قَالَ: "«تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى زَوْجَتِكَ»، قَالَ: «عِنْدِي دِينَارٌ آخَرُ»، قَالَ: «تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى وَلَدِكَ»، قَالَ: «عِنْدِي دِينَارٌ آخَرُ»، قَالَ: «تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى خَادِمِكَ»، قَالَ: «عِنْدِي دِينَارٌ آخَرُ»، قَالَ: «أَنْتَ أَبْصَرُ». (أخرجه أحمد (12/ 381، تحت رقم: 7419 الرسالة) ، وأبو داود في كتاب الزكاة، باب في صلة الرحم، حديث رقم: (1691)، والنسائي في كتاب الزكاة، باب تفسير ذلك، حديث رقم: (2525)، وابن حبان (الإحسان 8/ 126، تحت رقم: 3337)، والحاكم في المستدرك (1/ 415، تحت رقم: 1514). والرواية المشار إليها عند أحمد في المسند (16/ 104، تحت رقم: 10086 الرسالة)، وقوى إسنادها محققو المسند. والحديث من رواية ابن عجلان عن المقبري عن أبي هريرة، فهو حديث حسن لحال ابن عجلان في روايته عن أبي هريرة . والحديث حسنه الألباني في الإرواء (3/ 408، تحت رقم: 895). وفي صحيح الأدب المفرد ص: 92.).
- وإن كان فقيراً؛
فحق نفسه،
ثم عياله،
ثم أخواته وإخوانه.
وفي صحيح ابن خزيمة (4/ 100، تحت رقم: 2445) عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فَقِيرًا فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ فَضْلًا فَعَلَى عِيَالِهِ، فَإِنْ كَانَ فَضْلًا فَعَلَى قَرَابَتِهِ أَوْ ذِي رَحِمِهِ، فَإِنْ كَانَ فَضْلًا فَهُنَا وَهَهُنَا».
- ويقدم حق الأم في حسن الصحبة على الأب، لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟». قَالَ: «أُمُّكَ». قَالَ: «ثُمَّ مَنْ؟». قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ». قَالَ: «ثُمَّ مَنْ؟». قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ» قَالَ: «ثُمَّ مَنْ؟». قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ». أخرجه البخاري تحت رقم: (5971)، ومسلم تحت رقم: (2548).
والمقصود:
- أن حق النفقة يقدم فيه الأبوين والأخوات والإخوان إذا كان يعولهم لحاجتهم،
- أمّا إذا لم يكن يعولهم فيقدم بعد نفسه حق الزوجة والأولاد.
وابن حزم الظاهري يرى التسوية بينهم جميعاً في النفقة بدون تفضيل فيقول في المحلى بالآثار (9/ 266): «مَسْأَلَةٌ: فَرْضٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ أَنْ يَبْدَأَ بِمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ، وَلَا غِنًى عَنْهُ بِهِ: مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ، عَلَى حَسَبِ حَالِهِ وَمَالِهِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُجْبَرُ كُلُّ أَحَدٍ عَلَى النَّفَقَةِ عَلَى مَنْ لَا مَالَ لَهُ وَلَا عَمَلَ بِيَدِهِ مِمَّا يَقُومُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ: مِنْ أَبَوَيْهِ، وَأَجْدَادِهِ، وَجَدَّاتِهِ، وَإِنْ عَلَوْا - وَعَلَى الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ وَبَنِيهِمْ - وَإِنْ سَفَلُوا - وَالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَالزَّوْجَاتِ -: كُلُّ هَؤُلَاءِ يُسَوَّى بَيْنَهُمْ فِي إيجَابِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ، وَلَا يُقَدَّمُ مِنْهُمْ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ - قَلَّ مَا بِيَدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ كَثُرَ - لَكِنْ يَتَوَاسَوْنَ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ لَهُ عَنْ نَفَقَةِ نَفْسِهِ شَيْءٌ: لَمْ يُكَلَّفْ أَنْ يُشْرِكَهُ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ مِمَّنْ ذَكَرْنَا، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ هَؤُلَاءِ - بَعْدَ كِسْوَتِهِمْ وَنَفَقَتِهِمْ - شَيْءٌ أُجْبِرَ عَلَى النَّفَقَةِ عَلَى ذَوِي رَحِمِهِ الْمَحْرَمَةِ وَمَوْرُوثِيهِ، إنْ كَانَ مَنْ ذَكَرْنَا لَا شَيْءَ لَهُمْ، وَلَا عَمَلَ بِأَيْدِيهِمْ تَقُومُ مُؤْنَتُهُمْ مِنْهُ، وَهُمْ الْأَعْمَامُ، وَالْعَمَّاتُ - وَإِنْ عَلَوْا - وَالْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ - وَإِنْ عَلَوْا - وَبَنُو الْإِخْوَةِ - وَإِنْ سَفَلُوا.
وَالْمَوْرُوثُونَ - هُمْ: مَنْ لَا يُحَجِّبُهُ أَحَدٌ عَنْ مِيرَاثِهِ إنْ مَاتَ، مِنْ عُصْبَةٍ أَوْ مَوْلًى مِنْ أَسْفَلَ، فَإِنْ حُجِبَ عَنْ مِيرَاثِهِ لِوَارِثٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ نَفَقَاتِهِمْ.
وَمَنْ مَرِضَ مِمَّنْ ذَكَرْنَا كُلِّفَ أَنْ يَقُومَ بِهِمْ وَبِمَنْ يَخْدُمُهُمْ، وَكُلِّ هَؤُلَاءِ فَمَنْ قَدَرَ مِنْهُمْ عَلَى مَعَاشٍ وَتَكَسُّبٍ، - وَإِنْ خَسَّ - فَلَا نَفَقَةَ لَهُمْ، إلَّا الْأَبَوَيْنِ وَالْأَجْدَادِ، وَالْجَدَّاتِ، وَالزَّوْجَاتِ «فَإِنَّهُ يُكَلَّفُ أَنْ يَصُونَهُمْ عَنْ خَسِيسِ الْكَسْبِ - إنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ»اهـ.
وعلى كل حال فقضايا الحقوق تختلف بحسب الجهة والحال، وقدّمت أهم ما يتعلق بها، والله الموفق.

الجمعة، 24 أبريل 2015

كشكول ٨٨٢: لله سنن كونية يسير عليها الكون



لله سنن كونية يسير عليها الكون... ومدد الله للعبد يجريه -سبحانه وتعالى- تارة على وفق هذه السنن، وتارة يخرق هذه السنن.
ولنا في قصص الأنبياء المصطفين الأخيار عبرة.
محمد -صلى الله عليه وسلم- أرادوا قتله فلم يرسل ملكًا يبطش بهم ... ولم ينجيه بأمور خارقة للعادة ... وإنما أمره بالهجرة ... فهاجر ... وفي طريق الهجرة حصلت خوارق للعادة كقصة سراقة بن مالك... وخيمة أم معبد...
ويوسف -صلوات ربي وسلامه عليه- أخذ وسجن ظلمًا ... فجرى حاله على هذه السنن حتى جاءت رؤيا الملك ...
أما إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- فألقي في النار فجعلت له بردًا وسلامًا . وهذا خارق للعادة.
وموسى -عليه الصلاة والسلام- أنقذ ومن معه من المؤمنين بني إسرائيل بخارق للعادة.
المقصود أن مدد الله ونصره للمؤمنبن لا يأتي دائمًا خارجًا عن سننه الكونية ...
فيا مسلم ... اعتمد على الله وتوكل عليه ... وسيأتيك المدد والنصر من الله ... وأحسن ظنك بالله ... ولا تستعجل ... اطمئن لحكمة الله وعلمه وقدرته ولطفه في إيصال الخير لك وصرف السوء عنك بطرق لا تدركها -سبحانه وتعالى-.

سؤال وجواب ١٧٢: السلفية منهج؛ لذلك لا نخرج من السلفية من أخطأ من أهل العلم



سؤال:
«أريد زيادة توضيح لهذا الكلام وهو لكم -حفظكم الله- لو تكرمتم شيخنا.
وهي قولك -حفظك الله-:
«ليس من منهح السلف: حصر الدين في مسألة فمن وافقني عليها فهو سلفي ومن خالفني فيها فهو غير سلفي.
فالسلفية منهج وليست مسألة»اهـ.
وجزاك الله خيراً».

الجواب:
معناه أن من أخطأ في مسألة وخالف فيها لا يخرج من السلفية من أجلها . بل العبرة بمنهجه وطريقته العامة.
فإن السلفية لا تعني العصمة من الوقوع في الخطأ. فلا تجعل خطأ الشخص في مسألة مخرجًا له من السلفية.
كمن يجعل مسألة وضع اليدين على الصدر بعد الركوع فاصلاً بين السلفي وغير السلفي.
وغير ذلك من المسائل.
والله أعلم.
المقصود السلفية منهج؛ لذلك لا نخرج من السلفية من أخطأ من أهل العلم في مسائل الصفات أو القدر أو الإرجاء؛ لأن منهجهم العام هو سبيل السلف.
والله الموفق.

كشكول ٨٨١: ما هو الجهاد؟



ما هو الجهاد؟
للشيخ محمد بن عمر بازمول -حفظه الله-

كشكول ٨٨٠: كف المسلم شره وأذاه عن الناس صدقة على نفسه



كف المسلم شره وأذاه عن الناس صدقة على نفسه.
أخرج مسلم في صحيحه تحت رقم: (85)
عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟».
قَالَ: «الْإِيمَانُ بِاللهِ وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ».
قَالَ: قُلْتُ: «أَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟».
قَالَ: «أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَأَكْثَرُهَا ثَمَنًا».
قَالَ: قُلْتُ: «فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ؟».
قَالَ: «تُعِينُ صَانِعًا أَوْ تَصْنَعُ لِأَخْرَقَ».
قَالَ: قُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ ضَعُفْتُ عَنْ بَعْضِ الْعَمَلِ؟».
قَالَ: «تَكُفُّ شَرَّكَ عَنِ النَّاسِ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ».

كشكول ٨٧٩: للإخوة الذين يضعون عبارات لي في بطاقات ويخرجونها إخراجًا رائعًا



للإخوة الذين يضعون عبارات لي في بطاقات ويخرجونها إخراجًا رائعًا لهم مني جزيل الشكر وفائق التقدير.
سائلاً الله أن يجعل جهدهم في موازين حسناتهم،
وأخص منهم بالذكر:
- أبا أيمن رضوان بذرة خير.
- أبا أمامة الجزائري.
- والرائع ... خالد العامري ..
وآخرين عبر الواتساب لا أعرف أسماءهم.
جزى الله الجميع خيرًا.

كشكول ٨٧٨: هل تجد في كتاب الله...



جاءني على الواتساب
 قال مضارب بن إبراهيم للحسين بن الفضل:
«إنك تخرج أمثال العرب والعجم من القرآن...
فهل تجد في كتاب الله:
خير الأمور أوساطها؟».
قال: «نعم في أربعة مواضع:
قوله تعالى : { لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك}
وقوله تعالى : { والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما}
وقوله تعالى : { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط}
وقوله تعالى : { ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا}».
قال: «فهل تجد في كتاب الله:
من جهل شيئا عاداه؟».
قال: «نعم في موضعين:
{ بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه}
{ وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم}».
قال: «فهل تجد في كتاب الله:
احذر شر من أحسنت إليه؟»
قال: «نعم
{ وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله}».
قال: «فهل تجد في كتاب الله:
ليس الخبر كالعيان؟».
قال: «في قوله تعالى:
{ أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي}».
قال: «فهل تجد:
في الحركات البركات؟».
قال: «في قوله تعالى:
{ ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة}».
قال: «فهل تجد:
كما تدين تدان؟».
قال: «في قوله تعالى:
{ من يعمل سوءا يجز به}».
قال: « فهل تجد فيه قولهم:
حين تقلي تدري؟».
قال: { وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا}».
قال: « فهل تجد فيه:
لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين؟».
قال : { هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل}
قال: « فهل تجد فيه:
من أعان ظالمًا سلط عليه؟».
قال: { كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير}».
قال: «فهل تجد فيه قولهم:
لا تلد الحية إلا حية؟».
قال: «قوله تعالى:
{ ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا}».
قال: «فهل تجد فيه:
للحيطان آذان؟».
قال: { وفيكم سماعون لهم}».
قال: «فهل تجد فيه:
الجاهل مرزوق والعالم محروم؟».
قال:{ من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا}».
قال: « فهل تجد فيه:
الحلال لا يأتيك إلا قوتًا والحرام لا يأتيك إلا جزافًا؟».
قال: «{ إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعًا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم}».

من كتاب الإتقان في علوم القرآن للسيوطي.

خلفيات علمية (26)



خلفيات علمية (26)
بعض المسائل يوجد فيها أقوال، وبعض هذه الأقوال يستدل لها بأحاديث، وبعضها يستدل لها بآثار، وبعضها لا دليل عليها من الحديث والأثر.
والعبرة في صحة القول ليست بوجود دليل من الحديث أو بوجود دليل من الأثر.
إنما العبرة:
- في صحة الدليل والاستدلال،
- وسلامته من المعارض،
- وإحكامه بأن لا يكون منسوخاً.
والدليل أعم من أن يكون آية أو حديثاً أو أثراً؛ فقد يكون إجماعاً، أو قياساً، أو غير ذلك من الأدلة المختلف فيها.
ومن عود نفسه النظر في أدلة الأئمة فيما يذهبون إليه؛ رأى العجب في فقههم، وقوة نظرهم، ونصحهم للأمة في اتباع الدليل.
وعلى الباحث أن يعود نفسه على ذلك، وأن يحسن الظن بأئمة العلم، ولا يتعجل القول في المسألة.
والله يرعاني ويرعاك.

كشكول ٨٧٧: من طلب الرئاسة فرَّتْ منه، وإذا تصدّر الحدث فاته علمٌ كثير



قال الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى-: «من طلب الرئاسة فرَّتْ منه، وإذا تصدّر الحدث فاته علمٌ كثير»اهـ. (صفوة الصفوة: (2/252).).

كشكول ٨٧٦: معنى قولهم: «إذا صح الحديث فهو مذهبي».



معنى قولهم: «إذا صح الحديث فهو مذهبي».

يظن بعض طلبة العلم أن مجرد صحة الحديث كافية لأن يقول به، بل كافية لأن ينسب معناه إلى الأئمة، على أساس أن كل واحد منهم صح عنه أنه قال: «إذا صح الحديث فهو مذهبي». أو بمعناها.
والحقيقة أن ذلك ليس على إطلاقه بل هو مقيد بقيود، نبّه عليها في محلها، ولتعرف هذه القيود أقول:
الاستدلال بالآية أو الحديث لابد فيه من تحقق الأمور التالية:
- ثبوت الدليل . أما الآية فهي ثابتة، ويبقى النظر في ثبوت الحديث.
- صحة دلالته على الأمر المقصود.
- سلامته من المعرض. يعني أن لا يوجد دليل آخر يعارض دلالته.
- أن لا يكون منسوخاً.
فإذا تحققت هذه الأمور صح الاستدلال به.
ومما يدخل في هذه الأمور أن يكون مما جرى عمل السلف عليه، فلا يكون مما نص على ترك العمل به.
نعم إذا
- توفرت الأمور السابقة،
- ولم تجدهم نصوا على ترك العمل به،
- ولم تجد من عمل به من السلف،
- ولم تجد عملهم على خلافة، فذلك لا يمنع من العمل به، والحال كذلك.
فإذا انتبهت لهذا علمت أن القضية في العمل بما صح من الحديث ليست على إطلاقها إنما مقيدة بهذه القيود.

ومن أجل ذلك ألف تقي الدين علي بن عبدالكافي السبكي رسالته: «معنى قول الإمام المطلبي: إذا صح الحديث فهو مذهبي». وهي مطبوعة ضمن الرسائل المنيرية، ولها طبعة مفردة محققة.

وفي سير أعلام النبلاء (16/406)
كان شيخ الشافعية بالعراق، أبو القاسم، عبد العزيز الداركي ربما يختار في الفتوى، فيقال له في ذلك، فيقول: ويحكم! حدث فلان عن فلان، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكذا وكذا، والأخذ بالحديث أولى من الأخذ بقول الشافعي وأبي حنيفة.

قال الذهبي معلقًا:
قلت: هذا جيد، لكن بشرط؛
- أن يكون قد قال بذلك الحديث إمام من نظراء هذين الإمامين مثل مالك، أو سفيان، أو الاوزاعي.
- وبأن يكون الحديث ثابتًا سالمًا من علة.
- وبأن لا يكون حجة أبي حنيفة والشافعي حديثًا صحيحًا معارضًا للآخر.
أما من أخذ بحديث صحيح وقد تنكبه سائر أئمة الاجتهاد، فلا؛
كخبر: «فإن شرب في الرابعة فاقتلوه»، وكحديث «لعن الله السارق، يسرق البيضة، فتقطع يده».

كشكول ٨٧٥: أقسام المسلمين ثلاثة



قال في أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (5/ 489): 
«مِنْ أَرْجَى آيَاتِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ* جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ * وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ* الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ}. (فاطر: 32 - 35).
فَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: 
أَنَّ إِيرَاثَ هَذِهِ الْأُمَّةِ لِهَذَا الْكِتَابِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهَا فِي قَوْلِهِ: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا}.
وَبَيَّنَ أَنَّهُمْ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:
الْأَوَّلُ: الظَّالِمُ لِنَفْسِهِ وَهُوَ الَّذِي يُطِيعُ اللَّهَ، وَلَكِنَّهُ يَعْصِيهِ أَيْضًا فَهُوَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ فِيهِ: ﴿خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾ [التوبة: 102] .
وَالثَّانِي: الْمُقْتَصِدُ وَهُوَ الَّذِي يُطِيعُ اللَّهَ، وَلَا يَعْصِيهِ، وَلَكِنَّهُ لَا يَتَقَرَّبُ بِالنَّوَافِلِ مِنَ الطَّاعَاتِ.
وَالثَّالِثُ: السَّابِقُ بِالْخَيْرَاتِ: وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي بِالْوَاجِبَاتِ، وَيَجْتَنِبُ الْمُحَرَّمَاتِ، وَيَتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ بِالطَّاعَاتِ وَالْقُرُبَاتِ الَّتِي هِيَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ.
وَهَذَا عَلَى أَصَحِّ الْأَقْوَالِ فِي تَفْسِيرِ الظَّالِمِ لِنَفْسِهِ، وَالْمُقْتَصِدِ وَالسَّابِقِ.
ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ أَنَّ إِيرَاثَهُمُ الْكِتَابَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ مِنْهُ عَلَيْهِمْ.
ثُمَّ وَعَدَ الْجَمِيعَ بِجَنَّاتِ عَدْنٍ وَهُوَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ فِي قَوْلِهِ: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا} إِلَى قَوْلِهِ: {وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ}.
وَالْوَاوُ فِي {يَدْخُلُونَهَا} شَامِلَةٌ لِلظَّالِمِ، وَالْمُقْتَصِدِ وَالسَّابِقِ عَلَى التَّحْقِيقِ.
وَلِذَا قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: حُقَّ لِهَذِهِ الْوَاوِ أَنَّ تُكْتَبَ بِمَاءِ الْعَيْنَيْنِ؛
فَوَعْدُهُ الصَّادِقُ بِجَنَّاتِ عَدْنٍ لِجَمِيعِ أَقْسَامِ هَذِهِ الْأُمَّةِ؛
وَأَوَّلُهُمُ الظَّالِمُ لِنَفْسِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مِنْ أَرْجَى آيَاتِ الْقُرْآنِ، وَلَمْ يَبْقَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَحَدٌ خَارِجٌ عَنِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ، فَالْوَعْدُ الصَّادِقُ بِالْجَنَّةِ فِي الْآيَةِ شَامِلٌ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ؛ وَلِذَا قَالَ بَعْدَهَا مُتَّصِلًا بِهَا {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ}. (فاطر:36 - 37)»اهـ.

كشكول ٨٧٤: لن يغلب عسر يسرين


لن يغلب عسر يسرين.
قال الحاكم في المستدرك (2/ 528): «وَقَدْ صَحَّتِ الرِّوَايَةُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ : «لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ». وَقَدْ رُوِيَ بِإِسْنَادٍ مُرْسَلٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الصَّنْعَانِيُّ، أَنْبَأَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَ مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- : {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} قَالَ : خَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمًا مَسْرُورًا فَرِحًا وَهُوَ يَضْحَكُ وَهُوَ يَقُولُ : «لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}»اهـ.
قال ابن حجر -رحمه الله- في تغليق التعليق (4/ 372): «وَقد رُوِيَ قَوْله: «لن يغلب عسر يسرين» مَوْقُوفا على عَمْر وَعبد الله مَرْفُوعًا عَن النَّبِي -صلى الله عَلَيْهِ وَسلم-؛
أما الْمَوْقُوف فَرَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْفرج بعد الشدَّة قَالَ ثَنَا خَالِد ابْن خِدَاشٍ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْلَمَ : «أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ حَضَرَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ يَقُولُ: مَهْمَا يَنْزِلُ بِامْرِئٍ شِدَّةٌ يَجْعَلُ اللَّهُ لَهُ بَعْدَهَا فَرَجًا، وَإِنَّهُ لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ» هَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ.
وَرَوَاهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا بِسَنَدٍ جَيِّدٍ.
وَأَمَّا الْمَرْفُوعُ فَرَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ طَرِيقِ عَطِيَّةَ عَنْ جَابِرٍ فِي حَدِيثٍ آخِرِهِ : «فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْحَى إِلَيَّ : {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يسرا}» (6 : الإنشراح) وَلَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ» وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.
وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُرْسَلا وَإِسْنَادُهُ إِلَى الْحَسَنِ صَحِيحٌ.
وَقَالَ عَبْدُ بن حميد فِي تَفْسِيره أَخْبرنِي يُونُس عَن شَيبَان عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {فَإِن مَعَ الْعسر يسرا} قَالَ: ذَكَرَ لَنَا أَنَّ رَسُولَ الله -صلى الله عَلَيْهِ وَسلم- بَشَّرَ بِهَذِهِ الآيَةِ أَصْحَابَهُ فَقَالَ: «لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ يُسْرَيْنِ».  وَهَذَا صَحِيحٌ أَيْضًا إِلَى قَتَادَةَ»اهـ.
قلت: فتحصل بمجموع ذلك ثبوت الرواية عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بذلك، والله الموفق.

الأربعاء، 22 أبريل 2015

كشكول ٨٧٣: خبايا الزوايا...



خبايا الزوايا...
في كتب الفنون المتنوعة، يحصل أن مؤلف الكتاب يذكر مسألة في غير مظانها، فتعتبر هذه المسألة من خبايا الزوايا.
فتجد أحيانا في كتاب فقهي، يذكر مسألة تتعلق بالأطعمة والأشربة في كتاب الطهارة، فهذه المسألة وتلك جردها من كتاب الطهارة وسجل موضعها بالجزء والصفحة وأحفظها بمفردها، وكذا قد تجد في كتاب الصلاة مسائل تتعلق بالطهارة وبالملابس وبالآداب وغيرها، فجردها، حتى تنتهي من الكتاب فيصبح لديك خبايا زوايا هذا الكتاب الذي قرأته في الفقه.
يصلح أن تنشره على أنه كشافاً للمسائل المذكورة في هذا الكتاب في غير مظانها،
ويصلح أن يكون موضوعاً لبحث هذا المسائل وتتوسع فيها، بحيث أنك تقارن بين رأيه في المسألة في مظانها ورأيه في المسألة في غير مظانها، ووتعرضه بحسب الدليل.
وأعجب ذلك ما قد تجده في كتب الرجال من ذكر حكم إمام على راو في غير ترجمته، يورد أثناء ترجمة راو آخر!
وفي كشف الظنون: 
«خبايا الزوايا في الفروع 
لبدر الدين : محمد بن عبد الله الزركشي الشافعي 
المتوفى : سنة 749 ، تسع وأربعين وسبعمائة 
أوله : ( الحمد لله الذي لم تزل نعمته تتجدد . . . الخ ) 
ذكر فيه ما ذكره الرافعي في النووي (والنووي) في غير مظنتها من الأبواب فرد كل شكل إلى شكله وكل فرع إلى أصله،
واستدرك عليه الشريف عز الدين : حمزة بن أحمد الحسيني الدمشقي الشافعي 
المتوفى : سنة 874 ، أربع وسبعين وثمانمائة 
وسماه : ( بقايا الخبايا) 
ولبدر الدين أبي السعادات : محمد بن محمد البلقيني 
المتوفى : سنة 890 ، تسعين وثمانمائة حاشية عليه»اهـ.

سؤال وجواب ١٧١: إقامة الحدود والأخذ على أيدي المجرمين والسفهاء من وظيفة ولي أمر المسلمين



سؤال:
«انا من .... والمنطقة التي أسكن فيها يوجد بها مجرمون يستوقفون الناس أحيانًا يسرقون سيارتهم ويخطفونهم، وأحيانا يقتلونهم، والدولة غير مهتمة أو غير قادرة الله أعلم.
السؤال هل اذا استطعت أنا ومجموعة من شباب المنطقة القضاء عليهم حيث أنه لدينا السلاح والشجاعة ..والذي يستوقفنا هو أننا لا نريد أن نخرج عن طوع الدولة...ولكن يسلب الناس أمامنا ومنهم من يتعرض للخطف كما أسلفت...بارك الله فيكم».

الجواب:
اعلم -بارك الله فيك- أن إقامة الحدود والأخذ على أيدي المجرمين والسفهاء من وظيفة ولي أمر المسلمين؛
فإذا ضعف عن ذلك ما جاز لآحاد الناس القيام بهذا الأمر -أعني إقامة الحدود والتصدي للمجرمين والسفهاء-، إلا إذا كان ما يمكن تقديمه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في شيء يحدث أمامك فتشارك في رفع الظلم وكف الأذى بدون تعدي، ومحل ذلك إذا أمنت على نفسك، وعلى غيرك من أن يؤدي هذا الفعل إلى ضرر أكبر أو حال أخطر.
والحال أنك تتعامل مع المذكورين من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورفع الظلم وكف الأذى، فقط، وتدفع صيال الصايل بالأدنى فالأدنى.
ولا يجوز أن ترفع السلاح وتستخدمه في وضعك هذا إلا للدفاع عن نفسك وأهلك ومالك.
وينبغي على الجميع في بلادكم أن يستجيبوا للنداء المتكرر بتسليم الأسلحة؛ لأن وجودها وانتشارها سبب من أسباب انتشار هذه الفتن، والله يحفظكم ويرعاكم.

سؤال وجواب ١٧٠: سؤال عن صحة هذا الأثر...



سؤال:
«قال ابن ابي شيبة : يَحْيَى بْنُ عِيسَى، عَنْ، الْأَعْمَشِ، عَنْ، إِبْرَاهِيمَ، عَنْ، هَمَّامٍ، عَنْ، حُذَيْفَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ وَهُوَ قَاعِدٌ عَلَى جِذْعٍ فِي دَارِهِ وَهُوَ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقُلْتُ: «مَا الَّذِي أَهَمَّكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟». فَقَالَ: «هَكَذَا بِيَدِهِ وَأَشَارَ بِهَا»، قَالَ: قُلْتُ: «الَّذِي يُهِمُّكَ وَاللَّهِ لَوْ رَأَيْنَا مِنْكَ أَمْرًا نُنْكِرُهُ لَقَوَّمْنَاكَ»، قَالَ: «اللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، لَوْ رَأَيْتُمْ مِنِّي أَمْرًا تُنْكِرُونَهُ لَقَوَّمْتُمُوهُ». فَقُلْتُ: «اللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، لَوْ رَأَيْنَا مِنْكَ أَمْرًا نُنْكِرُهُ لَقَوَّمْنَاكَ». قَالَ: «فَفَرِحَ بِذَلِكَ فَرَحًا شَدِيدًا، وَقَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِيكُمْ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ مَنِ الَّذِي إِذَا رَأَى مِنِّي أَمْرًا يُنْكِرُهُ قَوَّمَنِي».
ليس في الأثر ذكر السيف وما قولكم في سنده شيخنا».

الجواب:
هذه الرواية في سندها يحيى بن عيسى قال في مختصر الكامل: «يحيى بن عِيسَى - كُوفِي سكن الرملة.
قَالَ ابْن معِين: «مَا هُوَ بِشَيْء».
وَقَالَ الدَّارمِيّ: «هُوَ ضَعِيف».
وَمرَّة قَالَ يحيى: «ضَعِيف لَا يكْتب حَدِيثه».
وَقَالَ أَحْمد: «مَا أقرب حَدِيثه». قَالَ عبد الله: قلت لَهُ: «سَمِعت مِنْهُ شَيْئا؟». قَالَ: «لَا».
وَقَالَ البُخَارِيّ: «مَاتَ سنة 251 أَو نَحْوهَا».
وَقَالَ النَّسَائِيّ: «لَيْسَ بِالْقَوِيّ».
وَقَالَ ابْن عدي: «وَعَامة رواياته مِمَّا لَا يُتَابع عَلَيْهِ».»اهـ.
وليس في هذه الرواية أن عمر -رضي الله عنه- قال هذا الكلام على منبر.
وليس فيها ذكر السيف. وقد نبه على ذلك السائل -وفقه الله-.
والذي فيها قوله: «لقومناك»، وهذا معناه أي لقدمنا إليك النصيحة. وأعناك على أمرك بالمعروف. وهذا أمر رغب فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- إذا كان على الطريقة الشرعية.
كما في حديث عياض بن غنم قال لهشام بن حكيم: ألم تسمع يا هشام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ يقول: «من كانت عنده نصيحة لذي سلطان فليأخذ بيده فليخلوا به فإن قبلها قبلها وإن ردها كان قد أدى الذي عليه». (أخرجه أحمد في المسند (3/ 403 - 404)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2/ 154، تحت رقم: 876)، وفي كتاب السنة له (معه ظلال الجنة للألباني 2/ 274، تحت رقم: 1098). والحديث صححه الألباني ومحقق الآحاد والمثاني).
والحمد لله على التوفيق.

كشكول ٨٧٢: يفتح للمسلم من أعمال الخير ما يصلح له


يفتح للمسلم من أعمال الخير ما يصلح له.
ومن فتح له في باب حرم من آخر.
وقلة من المسلمين من يفتح له من أبواب الخير كلها! 
قال ابن عبدالبر عند كلامه على حديث أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من أنفق زوجين في سبيل الله نودي في الجنة يا عبدالله هذا خير؛ فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان».  فقال أبو بكر: بأبي أنت وأمي ما على من دعي من هذه الأبواب كلها من ضرورة فهل يدعى أحد من هذه الأبواب كلها؟».  قال: «نعم وأرجو أن تكون منهم». (التمهيد: (7/184- 185): 
«[فيه] أن أعمال البر لا يفتح في الأغلب للإنسان الواحد في جميعها وأن من فتح له في شيء منها حرم غيرها في الأغلب.
وأنه قد تفتح في جميعها للقليل من الناس، وأن أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- من ذلك القليل.
وفيه أن من أكثر من شيء عرف به ونسب إليه، ألا ترى إلى قوله: «فمن كان من أهل الصلاة»، يريد من أكثر منها فنسب إليها؛ لأن الجميع من أهل الصلاة. وكذلك من أكثر من الجهاد، ومن الصيام على هذا المعنى، ونسب إليه دعي من بابه ذلك والله أعلم.
ومما يشبه ما ذكرنا ما جاوب به مالك -رحمه الله- العمري العابد؛ وذلك أن عبدالله بن عبدالعزيز العمري العابد كتب إلى مالك يحضه إلى الانفراد والعمل ويرغب به عن الاجتماع إليه في العلم؛ فكتب إليه مالك : «أن الله -عز وجل- قسم الأعمال كما قسم الأرزاق؛
فرب رجل فتح له في الصلاة ولم يفتح له في الصوم.
وآخر فتح له في الصدقة ولم يفتح له في الصيام.
وآخر فتح له في الجهاد ولم يفتح له في الصلاة.
ونشر العلم وتعليمه من أفضل أعمال البر وقد رضيت بما فتح الله لي فيه من ذلك.
وما أظن ما أنا فيه بدون ما أنت فيه.
وأرجو أن يكون كلانا على خير.
ويجب على كل واحد منا أن يرضى بما قسم له، والسلام.
هذا معنى كلام مالك؛ لأني كتبته من حفظي وسقط عني في حين كتابتي أصلي منه»اهـ.
ونقله في سير أعلام النبلاء (8/ 114).

كشكول ٨٧١: خذ من العمل ما تقبل عليه نفسك... بعد أداء الواجب!



خذ من العمل ما تقبل عليه نفسك بعد أداء الواجب!
قال في مجموع الفتاوى (7/ 651): 
«فَصْلٌ:
وَأَمَّا قَوْلُهُ : فَالْأَسْبَابُ الَّتِي يَقْوَى بِهَا الْإِيمَانُ إلَى أَنْ يَكْمُلَ عَلَى تَرْتِيبِهَا؛ هَلْ يَبْدَأُ بِالزُّهْدِ؟ أَوْ بِالْعِلْمِ؟ أَوْ بِالْعِبَادَةِ؟ أَمْ يَجْمَعُ بَيْنَ ذَلِكَ عَلَى حَسَبِ طَاقَتِهِ؟ 
فَيُقَالُ لَهُ : لَا بُدَّ مِنْ الْإِيمَانِ الْوَاجِبِ وَالْعِبَادَةِ الْوَاجِبَةِ وَالزُّهْدِ الْوَاجِبِ، ثُمَّ النَّاسُ يَتَفَاضَلُونَ فِي الْإِيمَانِ كَتَفَاضُلِهِمْ فِي شُعَبِهِ، وَكُلُّ إنْسَانٍ يَطْلُبُ مَا يُمْكِنُهُ طَلَبَهُ وَيُقَدِّمُ مَا يَقْدِرُ عَلَى تَقْدِيمِهِ مِنْ الْفَاضِلِ.
وَالنَّاسُ يَتَفَاضَلُونَ فِي هَذَا الْبَابِ؛
فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ الْعِلْمُ أَيْسَرَ عَلَيْهِ مِنْ الزُّهْدِ 
وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ الزُّهْدُ أَيْسَرَ عَلَيْهِ 
وَمِنْهُمْ مَنْ تَكُونُ الْعِبَادَةُ أَيْسَرَ عَلَيْهِ مِنْهُمَا؛
فَالْمَشْرُوعُ لِكُلِّ إنْسَانٍ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ الْخَيْرِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}.
وَإِذَا ازْدَحَمَتْ شُعَبُ الْإِيمَانِ قَدَّمَ مَا كَانَ أَرْضَى لِلَّهِ وَهُوَ عَلَيْهِ أَقْدَرُ؛
فَقَدْ يَكُونُ عَلَى الْمَفْضُولِ أَقْدَرَ مِنْهُ عَلَى الْفَاضِلِ، وَيَحْصُلُ لَهُ أَفْضَلُ مِمَّا يَحْصُلُ مِنْ الْفَاضِلِ، فَالْأَفْضَلُ لِهَذَا أَنْ يَطْلُبَ مَا هُوَ أَنْفَعُ لَهُ وَهُوَ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ وَلَا يَطْلُبُ مَا هُوَ أَفْضَلُ مُطْلَقًا إذَا كَانَ مُتَعَذِّرًا فِي حَقِّهِ أَوْ مُتَعَسِّرًا يَفُوتُهُ مَا هُوَ أَفْضَلُ لَهُ وَأَنْفَعُ؛ 
كَمَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ بِاللَّيْلِ فَيَتَدَبَّرُهُ وَيَنْتَفِعُ بِتِلَاوَتِهِ وَالصَّلَاةُ تَثْقُلُ عَلَيْهِ وَلَا يَنْتَفِعُ مِنْهَا بِعَمَلِ، أَوْ يَنْتَفِعُ بِالذِّكْرِ أَعْظَمَ مِمَّا يَنْتَفِعُ بِالْقِرَاءَةِ.
فَأَيُّ عَمَلٍ كَانَ لَهُ أَنْفَعَ وَلِلَّهِ أَطْوَعَ أَفْضَلُ فِي حَقِّهِ مِنْ تَكَلُّفِ عَمَلٍ لَا يَأْتِي بِهِ عَلَى وَجْهِهِ، بَلْ عَلَى وَجْهٍ نَاقِصٍ وَيَفُوتُهُ بِهِ مَا هُوَ أَنْفَعُ لَهُ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الصَّلَاةَ آكَدُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ.
وَقِرَاءَةَ الْقُرْآنِ أَفْضَلُ مِنْ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ.
وَمَعْلُومٌ أَيْضًا أَنَّ الذِّكْرَ فِي فِعْلِهِ الْخَاصِّ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ.
وَأَنَّ الذِّكْرَ وَالْقِرَاءَةَ وَالدُّعَاءَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا خَيْرٌ مِنْ الصَّلَاةِ»اهـ.

كشكول ٨٧٠: الجهمي والرافضي واليهود والنصارى



الإمام البخاري -رحمه الله-

قال -رحمه الله-: «ما أبالي أصليت خلف الجهمي والرافضي، أم صليت خلف اليهود والنصارى، ولا يسلم عليهم ولا يعادون ولا يناكحون ولا يشهدون ولا تؤكل ذبائحهم». (خلق أفعال العباد ص: (125).).

كشكول ٨٦٩: الفهم الصحيح



الفهم الصحيح.
روى البخاري عن ابي جحيفة قال : قلت لعلي بن أبي طالب: «هل عندكم كتاب؟». قال : «لا إلا كتاب الله أو فهم أعطيه رجل مسلم».
يقول ابن القيم -رحمه الله رحمة واسعة- في كتابه (إعلام الموقعين 1/ 87): 
«صِحَّةُ الْفَهْمِ وَحُسْنُ الْقَصْدِ مِنْ أَعْظَمِ نِعَمِ اللَّهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَى عَبْدِهِ، بَلْ مَا أُعْطِيَ عَبْدٌ عَطَاءً بَعْدَ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ وَلَا أَجَلُّ مِنْهُمَا، بَلْ هُمَا سَاقَا الْإِسْلَامِ، وَقِيَامُهُ عَلَيْهِمَا، وَبِهِمَا يَأْمَنُ الْعَبْدُ طَرِيقَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ الَّذِينَ فَسَدَ قَصْدُهُمْ، وَطَرِيقُ الضَّالِّينَ الَّذِينَ فَسَدَتْ فُهُومُهُمْ، وَيَصِيرُ مِنْ الْمُنْعَمِ عَلَيْهِمْ الَّذِينَ حَسُنَتْ أَفْهَامُهُمْ وَقُصُودُهُمْ، وَهُمْ أَهْلُ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ الَّذِينَ أُمِرْنَا أَنْ نَسْأَلَ اللَّهَ أَنْ يَهْدِيَنَا صِرَاطَهُمْ فِي كُلِّ صَلَاةٍ، وَصِحَّةُ الْفَهْمِ نُورٌ يَقْذِفُهُ اللَّهُ فِي قَلْبِ الْعَبْدِ، يُمَيِّزُ بِهِ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ، وَالْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَالْهُدَى وَالضَّلَالِ، وَالْغَيِّ وَالرَّشَادِ.
وَيَمُدُّهُ (يعني : يعين على الفهم الصحيح ويقويه لدى العبد) حُسْنَ الْقَصْدِ، وَتَحَرِّي الْحَقَّ، وَتَقْوَى الرَّبِّ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ.
وَيَقْطَعُ مَادَّتُهُ (يعني: يمنع الفهم الصحيح) اتِّبَاعَ الْهَوَى، وَإِيثَارَ الدُّنْيَا، وَطَلَبَ مَحْمَدَةِ الْخَلْقِ، وَتَرْكَ التَّقْوَى»اهـ.
ح/ 111

كشكول ٨٦٨: ليس معنى وصف الراوي بكونه عدلاً ضابطاً أنه لا يخطيء، وأنه لا يقع منه الوهم مطلقاً



ليس معنى وصف الراوي بكونه عدلاً ضابطاً أنه لا يخطيء، وأنه لا يقع منه الوهم مطلقاً.
ولمّا تكلم الحافظ العقيلي على ابن المديني بسبب وهم وقع فيه، كان مما قاله الذهبي -رحمه الله- تعقباً عليه (ميزان الاعتدال ( 3/141)): «وأنا أشتهى أن تعرفني من هو الثقة الثبت الذي ما غلط ولا انفرد بما لا يتابع عليه، بل الثقة الحافظ إذا انفرد بأحاديث كان أرفع له، وأكمل لرتبته، وأدل على اعتنائه بعلم الأثر، وضبطه دون أقرانه لأشياء ما عرفوها، اللهم إلا أن يتبين غلطه ووهمه في الشيء فيعرف ذلك، فانظر أول شيء إلى أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الكبار والصغار، ما فيهم أحد إلا وقد انفرد بسنة، فيقال له: هذا الحديث لا يتابع عليه،
وكذلك التابعون، كل واحد عنده ما ليس عند الآخر من العلم، وما الغرض هذا، فإن هذا مقرر على ما ينبغى في علم الحديث.
- وإن تفرد الثقة المتقن يعد صحيحًا غريبًا.
- وإن تفرد الصدوق ومن دونه يعد منكرًا.
- وإن إكثار الراوي من الأحاديث التي لا يوافق عليها لفظًا أو إسنادًا يصيره متروك الحديث، ثم ما كل أحد فيه بدعة أو له هفوة أو ذنوب يقدح فيه بما يوهن حديثه، ولا من شرط الثقة أن يكون معصومًا من الخطايا والخطأ، ولكن فائدة ذكرنا كثيرا من الثقات الذين فيهم أدنى بدعة أولهم أوهام يسيرة في سعة علمهم أن يعرف أن غيرهم أرجح منهم وأوثق إذا عارضهم أو خالفهم، فزن الأشياء بالعدل والورع»اهـ.

سؤال وجواب ١٦٩: ما معنى ملك اليمين؟



سؤال:
«ما معنى ملك اليمين؟».

الجواب:
المقصود بملك اليمين هو ما يملكه الشخص من العبيد والإماء شراء، أو هبة، أو بغيرها من طرق التملك.
ويقع الناس في الرق من طرق؛
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية المعتمدة (3/ 298):
«حَصْرِ مَصَادِرِ الاِسْتِرْقَاقِ بِمَصْدَرَيْنِ اثْنَيْنِ لاَ ثَالِثَ لَهُمَا، وَإِنْكَارِ أَنْ يَكُونَ أَيُّ مَصْدَرٍ غَيْرُهُمَا مَصْدَرًا مَشْرُوعًا لِلاِسْتِرْقَاقِ:
أَحَدُهُمَا: الأَْسْرَى وَالسَّبْيُ مِنْ حَرْبٍ لِعَدُوٍّ كَافِرٍ إِذَا رَأَى الإِْمَامُ أَنَّ مِنَ الْمَصْلَحَةِ اسْتِرْقَاقَهُمْ.
وَثَانِيهُمَا : مَا وُلِدَ مِنْ أُمٍّ رَقِيقَةٍ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا ، أَمَّا لَوْ كَانَ مِنْ سَيِّدِهَا فَهُوَ حُرٌّ»اهـ.
فأبطل الإسلام الاسترقاق عن طريق السرقة والنهب.
وأقر الاسترقاق عن طريق الأسر في الحروب، وعن طريق شراء ما توالد من العبيد والإماء.
ولملك اليمين أحكام تذكر في كتب الفقه عند الكلام عن أحكام العتق، أو أحكام الخدم، وعند ذكر الزواج من ملك اليمين.
والزواج من ملك اليمين أن يأتي رجل حر، ويطلب من صاحب أمة مملوكة (جارية) أن يزوجه إياها، فإذا زوجه إياها فإن ولده منها يؤول إلى مالك الأمة، فيكون رقيقاً تبعاً لأمه، ولذك كره الإسلام نكاح الجواري المملوكات، ورغب عنه، قال تعالى: {وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}. (النساء: 25).
والله الموفق.

كشكول ٨٦٧: تؤخذ الشريعة كالصورة الواحدة



تؤخذ الشريعة كالصورة الواحدة.
قال الشاطبي -رحمه الله-: «ومدار الغلط في هذا الفصل إنما هو على حرف واحد، وعدم ضم أطرافه بعضها إلى بعض، فإن مآخذ الأدلة عند الأئمة الراسخين إنما هي على أن تؤخذ الشريعة كالصورة الواحدة بحسب ما ثبت من كلياتها وجزئياتها المرتَّبة عليها، وعامّها المرتب على خاصها، ومطلقها المحمول على مقيدها، ومجملها المفسر بمبينها، إلى ما سوى ذلك من مناحيها، فإذا حصل للناظر من جملتها حكم من الأحكام، فذلك هو الذي نطقت به حين استنطقت»اهـ.
الاعتصام (1/181).

كشكول ٨٦٦: من قال إن معظم الشرعية ثبت بالإجماع. أو قال: أن معظم الأحكام إنما تؤخذ بالقياس؛ إنما يخبر عن حاله وعلمه، وإلا فإن الواقع ليس كذلك...



من قال إن معظم الشرعية ثبت بالإجماع.
أو قال: أن معظم الأحكام إنما تؤخذ بالقياس؛
إنما يخبر عن حاله وعلمه، وإلا فإن الواقع ليس كذلك ...
قال في مجموع الفتاوى (19/ 200):
«ومن قال من المتأخرين : إن الإجماع مستند معظم الشريعة فقد أخبر عن حاله؛ فإنه لنقص معرفته بالكتاب والسنة احتاج إلى ذلك.
وهذا كقولهم : إن أكثر الحوادث يحتاج فيها إلى القياس؛ لعدم دلالة النصوص عليها؛ فإنما هذا قول من لا معرفة له بالكتاب والسنة ودلالتهما على الأحكام.
وقد قال الامام أحمد -رضي الله عنه-: إنه ما من مسألة إلا وقد تكلم فيها الصحابة أو في نظيرها فانه لما فتحت البلاد وانتشر الإسلام حدثت جميع أجناس الأعمال؛ فتكلموا فيها بالكتاب والسنة، وإنما تكلم بعضهم بالرأي في مسائل قليلة، والإجماع لم يكن يحتج به عامتهم ولا يحتاجون إليه؛ إذ هم أهل الإجماع فلا إجماع قبلهم»اهـ.

كشكول ٨٦٥: بيان وكشف الداعية إلى بدعته أمام الملأ؛ لتحذير الناس من شره!



بيان وكشف الداعية إلى بدعته أمام الملأ؛ لتحذير الناس من شره!
قال الامام ابن تيمية -رحمه الله-:
«إذا كان المتكلم فيه داعياً إلى بدعة، فهذا يجب بيان أمره للناس؛ فإن دفع شره عنهم أعظم من دفع شر قاطع الطريق».
منهاج السنة: (١٤٦/٥).

كشكول ٨٦٤: الاتباع للشرع هو أصل كل علم شرعي



قال أيوب بن سليمان القرطبي: (التجربة أصل كل فن ومعنى مفتقر إليه)( انظر: المعيار المعرب: 10/79.).
قلت : هذا يسلم في العلوم الدنيوية، أما في العلوم الشرعية فالاتباع للشرع هو أصل كل علم شرعي،
فهو إيمان.
وعمل.
وتواصي بالحق.
وتواصي بالصبر.

سؤال وجواب ١٦٨: هل هنالك علة لتحريم الخنزير؟



سؤال:
«هل هنالك علة لتحريم الخنزير؟».

الجواب:
لعل السائل يعني بالعلة الحكمة؛ لأن العلة في تحريم الخنزير تعبدية، بمعنى أن الله أمرنا بذلك فامتثلنا وسمعنا وأطعنا، وليس كل حكم شرعي نعلم علته، وما لا تعلم علته يسميه العلماء بـ (الحكم التعبدي).
والمسلم يتعبد لله -عز وجل- بطاعته في أمره واجتناب ما نهاه عنه وزجر، سواء علم علته أو لم يعلم.
وللمسلم أن يتطلب معرفة الحكمة،
- فهناك أمور قد لا يتبين له كذلك الحكمة التشريعية، فعليه أن يسلم بها،
- وهناك أمور قد تتبين له الحكمة منها، وكم من أمر لم تعلم الحكمة الشرعية منه، في وقت ثم تعلم بعد ذلك، ومن هذا الصنف حكم تحريم لحم الخنزير، وذلك لما تَبَيَّنَ من مَا يَحْمِلُهُ هَذَا الْحَيَوَانُ الْخَبِيثُ مِنْ أَمْرَاضٍ وَصِفَاتٍ خَبِيثَةٍ، أَرَادَ اللَّهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أَنْ يَحْمِيَ مِنْهَا الْمُجْتَمَعَ الإِْسْلاَمِيَّ. وقد يمكنك الوقوف على ذلك بالرجوع إلى الكتب العلمية بشأن التغذية باللحم ومنه لحم الخنزير، وما يذكرونه فيه من تسببه بأمراض كثيرة، وما ينتج عن أكل لحمه من أمور تُلْمس في شخصية الإنسان ونفسيته.

سؤال وجواب ١٦٧: ما هي عورة ملك اليمين؟



سؤال :
«ما هي عورة ملك اليمين؟».

الجواب :
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي عَوْرَةِ الأَْمَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُل الأَْجْنَبِيِّ.
فَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ : إِنَّ عَوْرَتَهَا هِيَ مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ : عَوْرَتُهَا مِثْل عَوْرَةِ الْحُرَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِمَحَارِمِهَا.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ : إِنَّ عَوْرَتَهَا كَعَوْرَةِ الْحُرَّةِ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَنْظُرَ مِنْهَا إِلاَّ مَا يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَيْهِ مِنَ الْحُرَّةِ.
هذا والذي يترجح أن الأمة عورة ما بين السرة والركبة كما هو قول المالكية والشافعية، وكذا من عورتها ما لا تبديه في خدمتها، فيدخل في ذلك البطن والظهر، وما علا من الساعدين والساقين، وصدرها، فكل ذلك من عورتها التي لا تبديها للأجانب، كما يدل عليه واقع الصحابة -رضوان الله عليهم-، على ما قرره ابن تيمية في شرح العمدة عند كلامة على (عورة الأمة). والله أعلم .

سؤال وجواب ١٦٦: لماذا الزواج من أربعة وقد أحل عدد ماشاء الله من ملك اليمين؟



سؤال:
«لماذا الزواج من أربعة وقد أحل عدد ماشاء الله من ملك اليمين؟».

الجواب:
الزواج من الحرائر غير ما أحله الله تعالى من ملك اليمين؛
فالمرأة ملك اليمين ليس من حقها المطالبة بقسمة، وتبقى أمة مملوكة يمكنه بيعها وقتما شاء ما لم تأت بولد. وليس من حقها النفقة مثل المرأة الحرة الزوجة.
فإذا علمت ذلك ظهر لك شيئاً من حكمة قصر الزواج بالحرائر في أربع نسوة فقط، وإباحة عدد ما شاء من ملك اليمين؛ فإن مؤنة الحرة وما يلزم لها، ليست كمؤنة المملوكة، والله أعلم.

سؤال وجواب ١٦٥: لماذا تم القضاء على ملك اليمين وهو شيء حلال؟



سؤال:
«لماذا تم القضاء على ملك اليمين وهو شيء حلال؟».

الجواب:
أرتب الكلام على فقرات؛ فأقول: 
أولاً : ملك اليمين هو من المباحات وليس من الأمور الواجبة.
ثانياً : يجوز الاتفاق على ترك شيء من المباحات؛ لتجنب ما ضرره أكبر، أو لتحصيل ما منافعه أكثر.
ثالثاً : إن الإسلام قد رغب في العتق من ذلك ما جاء عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل إرب منها إربًا منه من النار حتى إنه ليعتق اليد باليد والرجل بالرجل والفرج بالفرج». (أخرجه الشيخان).
وأجمعت الأمة على صحة العتق وحصول القربة به.
بل هو من أفضل القرب؛ لأن الله تعالى جعله:
- كفارة للقتل.
- وكفارة الوطئ في رمضان.
- وكفارة حنث اليمين.
- وجعله النبي -صلى الله عليه وسلم- فكاكًا لمعتقه من النار.
- ولأن فيه تخليص الآدمي المعصوم من ضرر الرق، وملك نفسه، ومنافعه، وتكميل أحكامه، وتمكينه من التصرف في نفسه ومنافعه على حسب إرادته واختياره.
ففتح الدين الإسلامي أبواب عتق الرقيق، وضيق أسبابه.
إذا فهمت ما تقدم؛ فأعلم أن ملك اليمين اليوم ملغي بسبب اتفاقيات هيئة الأمم المتحدة؛ وذلك أن الإسلام أقر ملك اليمين وبين أنه يكون بأحد سببين:
- بالشراء .
- أو بالاسترقاق بسبب جهاد الكفار.
فلما حصل الاتفاق على أن لا يعد القتال طريقاً للرق.
وأُمر الناس بإطلاق الأرقاء. وعوض من يستحق التعويض.
انتهى الرق، وهذا أمر سعى إليه الإسلام بتوسيع أبوابه، وتضييق طرق حصوله، لما في ذلك من الخير، والنفع.
واقرأ ما في هذا الرابط لتستبين المخاطر العظيمة التي كان يتعرض لها الأحرار بسبب نظام الرق؛
وبناء على ما سبق فإن تساوق الدول الإسلامية إلى إلغاء الرق فيه الخير للناس، بجلب منافع لهم ودفع مضار عنهم، خاصة وأنهم لم يتركوا فيه شيئاً واجباً، ولم يفعلوا حراماً، إنما استغنوا عن أمر مباح لما تبين لهم أن في الاستمرار عليه أضراراً بالغة، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا ضرر ولا ضرار». وبالله التوفيق.
أرفق لك رابط صورة الوثيقة التي تضمنت بند الإجراءات التي اتخذتها المملكة السعودية للإلغاء الرقيق، وتعويض أصحاب الرقيق إذا كانوا يستحقون التعويض.

كشكول ٨٦٣: لص يتمسك بأصول المذهب


جاءتني في الواتساب...
لص يتمسك بأصول المذهب:
ورد من بعض الفضلاء الظرفاء:
قال أحمد بن المعذل:
كنت عند ابن الماجشون فجاءه بعض جلسائه فقال:
«يا أبا مروان أعجوبة».
قال : «ما هي؟».
قال : «خرجت إلى حائطي بالغابة فعرض لي رجل، فقال:
اخلع ثيابك؟
قلت : لم؟
قال : أنا أولى بها منك!
قلت : ومن أين؟
قال : لأني أخوك وأنا عريان
قلت : فالمواساة؟
قال : قد لبستها برهة
وأنا أريد أن ألبسها كما لبستها.
قلت : فتعريني؟
قال : قد روينا عن مالك أنه قال: لا بأس للرجل أن يغتسل عريانًا.
قلت : ترى عورتي
قال : لو كان أحد يلقاك هنا ما تعرضت لك.
فقلت : أراك ظريفًا
فدعني حتى أمضي إلى حائطي وأنزع هذه الثياب فأوجه بها إليك
قال : كلا
أردت أن توجه إلي أربعة من عبيدك فيحملوني إلى السلطان فيحبسني ويمزق جلدي ويطرح في رجلي القيد؟!
قلت : كلا
أحلف لك إيمانًا أني أوفي لك بما وعدتك ولا أسوءك
قال : كلا
إنا روينا عن مالك أنه قال:
لا تلتزم الأيمان التي يحلف بها للصوص.
قلت : فأحلف أني لا أحتال في أيماني هذه
قال : هذه يمين مركبة على اللصوص!
قلت : فدع المناظرة بيننا
فو الله لأوجهن إليك هذه الثياب طيبة بها نفسي.
فأطرق ( اللص ) ثم رفع رأسه وقال:
تدري فيم فكرت ؟
قلت : لا
قال :
تصفحت أمر اللصوص من عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى وقتنا هذا
فلم أجد لصا أخذ نسيئة!
وأكره أن أبتدع في الإسلام بدعة يكون علي وزرها ووزر من عمل بها بعدي إلى يوم القيامة !!
=> اخلع ثيابك.
قال فخلعتها ودفعتها إليه فأخذها وانصرف.
[ السير (521/11) ]

كشكول ٨٦٢: لا يحبط الأعمال جميعها إلا الكفر



لا يحبط الأعمال جميعها إلا الكفر.
جاء في المستدرك على مجموع الفتاوى (1/ 126- 127): 
«المشهور عند «أهل السنة» القائلين بعدم تخليد الفاسق ورجاء الشفاعة له والرحمة أنه لا يحبط العمل إلا الكفر؛ فإن نصوص القرآن تقتضي حبوط العمل بالكفر في مثل البقرة والمائدة والأنعام والزمر و(ق) وغير ذلك، وهذا لأن ما سوى الكفر من المعاصي يثبت معه أصل الإيمان، ولا بد أن يخرج من النار من كان في قلبه ذرة من إيمان وأما الكفر فينتفي معه الإيمان الذي لا يقبل العمل إلا به، كما قال تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ} [124/4] ، {مَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ} [19/17] إلى نصوص متعددة يصف فيها بطلان عمل الكافر وتحريم الجنة عليه.
وأما «المعتزلة» فإنهم يقولون بتخليد الفاسق الملي، وأنه لا ينعم أبدًا، وأن من استحق العقاب لا يستحق ثوابًا بحال، ومن استحق الثواب لا يستحق العقاب؛ فالتزموا لذلك أن تحبط جميع الأعمال الصالحة بالفسق، كما تحبط الأعمال بالكفر. ثم أكثرهم يفسقون بالكبيرة ومنهم من لا يفسق إلا برجحان السيئات وهي التي تحبط الأعمال. وهذا أقرب.
[حبوط بعضها بالفسق أو الرياء]
قلت: الذي ينفي من الإحباط على أصول أهل السنة هو حبوط جميع الأعمال فإنه لا يحبط جميعها إلا بالكفر، وأما الفسق فلا يحبط جميعها؛ سواء فسر بالكبيرة، أو برجحان السيئات؛ لأنه لا بد أن يثاب على إيمانه فلم يحبط.
وأما حبوط بعضها وبطلانه إما بما يفسده بعد فراغه وإما لسيئات يقوم عقابها بثوابه، فهذا حق دل عليه الكتاب والسنة كقوله:
{لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} [264/2] فأخبر أن المن والأذى يبطل الصدقة، كما أن الرياء المقترن بها يبطلها وإن كان كل منهما لا يبطل الإيمان؛ بل يبطله ورود الكفر عليه أو اقتران النفاق به.
وقوله في الحديث الصحيح: «إن الذي تفوته صلاة العصر فقط حبط عمله» وقول (بياض) : «الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب» وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من كانت عنده لأخيه مظلمة في عرض أو مال فليأته فليستحل منه قبل أن يأتي يوم ليس فيه درهم ولا دينار، وإنما فيه الحسنات والسيئات» وقوله: «ما تعدون المفلس فيكم» ؟ قالوا: المفلس من ليس له درهم ولا دينار، قال: «ليس ذلك بالمفلس وإنما المفلس الذي يأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال فيأتي وقد ضرب هذا وشتم هذا وأخذ مال هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإذا لم يبق له حسنة أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح في النار».»اهـ.
ولاحظ :
- قوله: «المشهور عند أهل السنة»اهـ؛ فإنه يفيد أن لأهل السنة قولاً آخرًا في المسألة غير مشهور.
- أن ما ذكره ابن تيمية هو المنصوص عليه في كتب العقيدة. وهو المتفق مع النصوص القرآنية التي ذكرها الشيخ -يرحمه الله-.

كشكول ٨٦١: اختلاط الرجال بالنساء



اختلاط الرجال بالنساء:
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية المعتمدة (2/ 290- 291)
«يَخْتَلِفُ حُكْمُ اخْتِلاَطِ الرِّجَال بِالنِّسَاءِ بِحَسَبِ مُوَافَقَتِهِ لِقَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ أَوْ عَدَمِ مُوَافَقَتِهِ، فَيَحْرُمُ الاِخْتِلاَطُ إِذَا كَانَ فِيهِ:
أ - الْخَلْوَةُ بِالأْجْنَبِيَّةِ، وَالنَّظَرُ بِشَهْوَةٍ إِلَيْهَا.
ب - تَبَذُّل الْمَرْأَةِ وَعَدَمُ احْتِشَامِهَا.
ج - عَبَثٌ وَلَهْوٌ وَمُلاَمَسَةٌ لَلأْبْدَانِ كَالاِخْتِلاَطِ فِي الأْفْرَاحِ وَالْمَوَالِدِ وَالأَْعْيَادِ، فَالاِخْتِلاَطُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ مِثْل هَذِهِ الأْمُورِ حَرَامٌ؛ لِمُخَالَفَتِهِ لِقَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ.
قَال تَعَالَى: { قُل لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} . . . { وَقُل لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} . (سورة النور: 30-31)، وَقَال تَعَالَى عَنِ النِّسَاءِ: { وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ}.  وَقَال: { إِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}. (سورة الأحزاب: 53 ). وَيَقُول النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ».  وَقَال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأَِسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ يَا أَسْمَاءُ إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلاَّ هَذَا وَهَذَا وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ. 
كَذَلِكَ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى حُرْمَةِ لَمْسِ الأْجْنَبِيَّةِ، إِلاَّ إِذَا كَانَتْ عَجُوزًا لاَ تُشْتَهَى فَلاَ بَأْسَ بِالْمُصَافَحَةِ (هذا محل نظر عندي بازمول). 
وَيَقُول ابْنُ فَرْحُونَ : فِي الأْعْرَاسِ الَّتِي يَمْتَزِجُ فِيهَا الرِّجَال وَالنِّسَاءُ، لاَ تُقْبَل شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ إِذَا كَانَ فِيهِ مَا حَرَّمَهُ الشَّارِعُ؛ لأِنَّ بِحُضُورِهِنَّ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ تَسْقُطُ عَدَالَتُهُنَّ.
وَيُسْتَثْنَى مِنَ الاِخْتِلاَطِ الْمُحَرَّمِ:
مَا يَقُومُ بِهِ الطَّبِيبُ مِنْ نَظَرٍ وَلَمْسٍ؛ لأِنَّ ذَلِكَ مَوْضِعُ ضَرُورَةٍ، وَالضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ.
وَيَجُوزُ الاِخْتِلاَطُ إِذَا كَانَتْ هُنَاكَ حَاجَةٌ مَشْرُوعَةٌ مَعَ مُرَاعَاةِ قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ وَلِذَلِكَ جَازَ خُرُوجُ الْمَرْأَةِ لِصَلاَةِ الْجَمَاعَةِ وَصَلاَةِ الْعِيدِ، وَأَجَازَ الْبَعْضُ خُرُوجَهَا لِفَرِيضَةِ الْحَجِّ مَعَ رُفْقَةٍ مَأْمُونَةٍ مِنَ الرِّجَال.
كَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ مُعَامَلَةُ الرِّجَال بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ إِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. 
وَلَقَدْ سُئِل الإِْمَامُ مَالِكٌ عَنِ الْمَرْأَةِ الْعَزَبَةِ الْكَبِيرَةِ تَلْجَأُ إِلَى الرَّجُل، فَيَقُومُ لَهَا بِحَوَائِجِهَا، وَيُنَاوِلُهَا الْحَاجَةَ، هَل تَرَى ذَلِكَ لَهُ حَسَنًا؟ قَال: لاَ بَأْسَ بِهِ، وَلْيُدْخِل مَعَهُ غَيْرَهُ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَلَوْ تَرَكَهَا النَّاسُ لَضَاعَتْ.
قَال ابْنُ رُشْدٍ : هَذَا عَلَى مَا قَال إِذَا غَضَّ بَصَرَهُ عَمَّا لاَ يَحِل لَهُ النَّظَرُ إِلَيْهِ.
انظر : ابن عابدين (5 / 243 ط ثالثة)، والبدائع (5 / 125 ط الجمالية) والاختيار(4 / 154 – 156) ، والمغني (3 / 237 - 372 و2 / 200 - 204 و 6 / 558) ، ومنتهى الإرادات (3 / 5 – 7) ، والمهذب (1 / 71 ، 100 ، 126 و 2 / 35) ، ومغني المحتاج (1 / 467) ، ومنح الجليل (1 / 133 ، 231 ، 275 ، 439 ، 484 و3 / 738) ، والمدخل لابن الحاج (1 / 237 ، 275 و 2 / 17 ، 53) ، والتبصرة بهامش فتح العلي (1 / 296).

استنباطات ٤٧:



عن الْحَارِث الأَشْعَرِيَّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ -جَلَّ وَعَلا- أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِمَات يعْمل بِهن وَيَأْمُر بني إِسْرَائِيل يَعْمَلُوا بِهِنَّ وَإِنَّ عِيسَى قَالَ لَهُ : إِنَّ الله أَمَرَكَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ تَعْمَلُ بِهِنَّ وَتَأْمُرُ بَنِي إِسْرَائِيل يَعْمَلُوا بِهِنَّ فَإِِمَّا أَنْ تَأْمُرَهُمْ وَإِمَّا أَنْ آمُرهُم قَالَ: أَي أخي إِنِّي أَخَاف إِن لم آمُرهُم أَن أعذب أَو يخسف بِي قَالَ: فَجَمَعَ النَّاسَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ حَتَّى امْتَلَأَ وَجَلَسُوا عَلَى الشَّرُفَاتِ فَوَعَظَهُمْ وَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ -جَلَّ وَعَلا- أَمَرَنِي بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَعْمَلُ بِهِنَّ وَآمُرُكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِهِنَّ:
أَوَّلُهُنَّ : أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَمَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا بِخَالِصِ مَالِهِ بِذَهَبٍ أَوْ وَرَقٍ وَقَالَ لَهُ : هَذِهِ دَارِي وَهَذَا عَمَلِي فَجَعَلَ الْعَبْدُ يَعْمَلُ وَيُؤَدِّي إِلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ فَأَيُّكُمْ يَسُرُّهُ أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ هَكَذَا وَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَكُمْ وَرَزَقَكُمْ فَاعْبُدُوهُ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا .
وَآمُرُكُمْ بِالصَّلاةِ فَإِِذَا صَلَّيْتُمْ فَلا تَلْتَفِتُوا فَإِِنَّ الْعَبْدَ إِِذَا لَمْ يَلْتَفِتِ اسْتَقْبَلَهُ -جَلَّ وَعَلا- بِوَجْهِهِ.
وآمركم بالصيام وَإِنَّمَا مثل ذَلِك مثل رَجُلٍ مَعَهُ صُرَّةٌ فِيهَا مِسْكٌ وَعِنْدَهُ عِصَابَةٌ يَسُرُّهُ أَنْ يَجِدُوا رِيحَهَا فَإِِنَّ الصِّيَامَ عِنْدَ الله أطيب من ريح الْمسْك.
وَآمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ وَإِِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَسَرَهُ الْعَدُو فَأَوْثَقُوا يَدَهُ إِِلَى عُنُقِهِ وَأَرَادُوا أَنْ يَضْرِبُوا عُنُقَهُ فَقَالَ: هَلْ لَكُمْ أَنْ أَفْدِيَ نَفْسِي فَجَعَلَ يُعْطِيهِمُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ لِيَفُكَّ نَفْسَهُ مِنْهُمْ .
وَآمُرُكُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ فَإِِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ طَلَبَهُ الْعَدُوُّ سِرَاعًا فِي أَثَرِهِ فَأَتَى عَلَى حِصْنُ حُصَيْنٍ فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ فِيهِ فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ لَا يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ إِِلا بِذِكْرِ اللَّهِ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: وَأَنَا آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ أَمَرَنِي اللَّهُ بِهَا:
بِالْجَمَاعَةِ.
وَالسَّمْعِ.
وَالطَّاعَةِ.
وَالْهِجْرَةِ.
وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
فَمَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ قيد شبر فقد خلع ربقة الإِِسْلامِ مِنْ عُنُقِهِ إِِلا أَنْ يُرَاجِعَ وَمَنْ دَعَا بِدَعْوَى جَاهِلِيَّة فَهُوَ مِنْ جُثَا جَهَنَّمَ.
قَالَ رَجُلٌ : «وَإِِنْ صَامَ وَصَلَّى». قَالَ: «وَإِِنْ صَامَ وَصَلَّى فَادْعُوا بِدَعْوَى اللَّهِ الَّذِي سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ الْمُؤْمِنِينَ عِبَادَ الله» أخرجه ابن حبان (الإحسان 14/126 - 127، تحت رقم: 6233)، واللفظ من موارد الظمآن (1222). وهو عند الترمذي والنسائي وابن خزيمة والحاكم. وصحح إسناده محقق الإحسان، ومحقق الموارد، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي وصحيح سنن النسائي.
وفيه مسائل:
الأولى: فيه أن ما أمر به الرسول -صلى الله عليه وسلم- يحقق ما جاء في الأمور الخمسة التي ذكرها يحي بن زكريا -عليه الصلاة والسلام-؛
فلزوم الجماعة يتحقق به التوحيد وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وذكر الله . وبدون لزوم الجماعة لا يتمكن المسلم من تحقيق إقامة الدين!
الثانية : لزوم السمع ولزوم الطاعة والهجرة من بلد الكفر إلى بلد الإسلام وهجرة الذنوب والآثام، والجهاد في سبيل الله، كلها أمور تحقق الجماعة ، فلا دين إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بأمير، ولا أمير إلا بسمع وطاعة؛ 
فإذا ضاع السمع والطاعة لولي الأمر ضاعت الإمارة. 
وإذا ضاعت الإمارة ضاعت الجماعة.
وإذا ضاعت الجماعة ضاع الدين.
الثالثة : فيه سبب تسمية بعض العلماء لكتب الأذكار بـ (الحصن الحصين).
الرابعة : فيه ضرب الأمثال لتقريب المعاني وتوضيحها، فلا حرج في وسائل الإيضاح إذا كانت لا تشتمل على مخالفة شرعية.
الخامسة : فيه خطورة مفارقة الجماعة. وخطورة دعوى الجاهلية من التفاخر الأنساب والأحساب، أو الدعوة لقبيلة فأصحاب ذلك من جثا جهنم.
وفي صحيح ابن حبان (الإحسان 14/126 - 127، تحت رقم: 6233)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ (هو ابن حبان): «الْأَمْرُ بِالْجَمَاعَةِ بِلَفْظِ الْعُمُومِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْخَاصُّ، لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ هِيَ إِجْمَاعُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَمَنْ لَزِمَ مَا كَانُوا عَلَيْهِ وَشَذَّ عَنْ مَنْ بَعْدَهُمْ لَمْ يَكُنْ بِشَاقٍّ لِلْجَمَاعَةِ، وَلَا مُفَارِقٍ لَهَا، وَمَنْ شَذَّ عَنْهُمْ وَتَبِعَ مَنْ بَعْدَهُمْ كَانَ شَاقًّا لِلْجَمَاعَةِ، وَالْجَمَاعَةُ بَعْدَ الصَّحَابَةِ هُمْ أَقْوَامٌ اجْتَمَعَ فِيهِمُ الدِّينُ وَالْعَقْلُ وَالْعِلْمُ، وَلَزِمُوا تَرْكَ الْهَوَى فِيمَا هُمْ فِيهِ، وَإِنْ قَلَّتْ أَعْدَادُهُمْ، لَا أَوْبَاشُ النَّاسِ وَرِعَاعُهُمْ، وَإِنْ كَثُرُوا»اهـ.