السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تسُرّنا زيارتكم للمدونة، ونسأل الله أن ينفعكم بمحتواها ويزيدكم من فضله

الأحد، 15 أكتوبر 2017

سؤال وجواب ٣٩٤: من المنتسبين إلى السلفية إن أخبرناهم أن فلاناً يسب أو يطعن في علماء السنة، لا يعتبرون أن هذا مخالفة منهجية


من إكليل الجبل جزاه الله خيراً تفريغاً وتخريجاً
سؤال في لقاء يوم الخميس 3/6 /1438هـ، 
السؤال :
من المنتسبين إلى السلفية إن أخبرناهم أن فلاناً يسب أو يطعن في علماء السنة ، لا يعتبرون أن هذا مخالفة منهجية ، وبالتالي لا يزال سلفيا بالنسبة لهم ، أفيدونا بارك الله فيكم ؟
الجواب:
يذكرون عن أحد المشايخ من السعودية أنه سافر إلى بلاد الهند ، وحضر مجلسا من مجالس عالم من علماء الحديث من أهل الحديث الهنود ، فأعجبه فاستمر في الحضور عنده ، لكنه لاحظ على هذا العالم أنه ما تأتي فرصة أو يأتي ذكر لدعوة الامام المجدد محمد بن عبد الوهاب إلا ويسبه ، ويطعن فيه ، ويذكر من هُجْر الكلام في دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب!
فتعجب الشيخ السعودي، كيف أن هذا الرجل عالم في الحديث ، وأصوله هي نفسها أصول دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب، ومع ذلك يطعن في الشيخ؟!
فما تعجل بالهجوم بل تأنى ، فرأى من عادة الشيخ الهندي في كل يوم اثنين أن يأتي إلى مكتبة قريبة من المسجد ، وصاحب المكتبة معتاد على حضور الشيخ في هذا اليوم، فيحضر له ما جد من الكتب خلال الأسبوع.
فذهب هذا الشيخ السعودي وأخذ كتاب التوحيد للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب ، ونزع الغلاف ، وطلب من صاحب المكتبة أن يضع هذه النسخة من الكتاب ضمن الكتب التي يعرضها على الشيخ يوم الاثنين.
جاء الشيخ الهندي وجلس في المكتبة على الكرسي ، واحضر له صاحب المكتبة الكتب ، يعرض عليه الكتب التي جاءت خلال الأسبوع إلى أن وصل إلى هذا الكتاب ، فقام الشيخ السعودي، وقال له: ما رأيك في هذا الكتاب؟ ، فطالع الشيخ الهندي كتاب التوحيد المنزوع الغلاف ، وقال: هذا كتاب فيه نور الوحي ، هو من القرآن والسنة ، ويقرر مسائل العقيدة كما نقررها نحن.
فقال له الشيخ السعودي: يا شيخ هذا كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب، وهذه صورة الغلاف فسكت الشيخ الهندي قليلا، وجلس الشيخ الآخر يشرح له دعوة الإمام ، وأنه كذا ، وكذا ، فاستمع الشيخ الهندي ثم قال : لله علي أن أكفر عما صنعته في مجالسي في حق الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، فإذا ذكر فإني سأثني عليه لعل الله عز وجل أن يكفر عني ما صنعت في حقه!
وفعلا الشيخ أصلح في المجالس كل ما يذكر الإمام محمد بن عبد الوهاب يذكره بخير.
مقصودي من هذه القصة أنه أحيانا رجل فاضل ، صالح يصدر منه سب لبعض المشايخ لأمور في ذهنه يتخيلها يظنها جهلا منه بحقيقة الحال، فينبغي لمن يتعامل معه أن يتأنى ، ويعلم أن هذا الشخص احتمال كبير أنه لم يعلم حقيقة الحال، ولعله بإذن الله إذا انكشفت له حقيقة الحال يغير كلامه ، فلا تستعجل برد الخطأ الذي وقع فيه بسبه ، وذكر هُجْر القول فيه، تأنى معه ترفق ، وقده بالحكمة والموعظة الحسنة ، والمجادلة بالتي هي أحسن إلى الحق ، حتى يرجع إن شاء الله إلى الحق والصواب.
وترى هذا حال كثير من الناس حينما يسب شيخ من مشايخ السلفية ، ويتكلم في عالم من العلماء ، يظن أن هذا الشيخ فعلا رجل غير أهل لأن يكون عالما، أو أن يكون شيخا يتلقى منه العلم ، وأن الشباب اغتروا به ، وأن هذه الأمور ينبغي أن تصحح ! هكذا يظن
فأنت لا تتعجل به ، ترفق شيئا فشيئا .
أذكر لكم عن حالي ، ما كنت أعرف الشيخ ربيع إلى أن جاء إلى مكة، واستقر عام 1416هـ،
ولم التق قبل ذلك بالشيخ ربيع .
كان أخونا الشيخ خالد بادغيش ، والشيخ أسامة الأهدل جزاهما الله خيرا ، وأخي الشيخ أحمد بازمول ، والشيخ أحمد الزهراني جزاهما الله خيراً، يذهبون إلى المدينة ، ويلتقون بالشيخ ربيع ، وانا كنت مشغولاً بالجامعة ، ما اعرف الشيخ ربيع ، لكن كنت أسمع من الناس عنه، فكان في ذهني أن الشيخ ربيع جمرة غضب ، جمرة نار!
وماكنت - والحمد لله وأحمد الله على ذلك - أتكلم لا في الشيخ ربيع ولا في غيره ، وإلى الآن الحمد لله ما عندي اني اندفع بالكلام في حق أحد، وأسأل الله الهداية والستر للجميع؛ إذا سألتني عن أحد من الناس أحيلك على أهل العلم بهذا الباب، وما كل أحد يحسنه، هم الذين يعرفون الكلام في الناس.
ولكن كان هذا في نفسي ، والمفاجأة أني زرت الشيخ في بيت ولده محمد وكان معي الشيخ خالد ، وكذلك الشيخ أسامة وأخي أحمد بازمول، وأحمد الزهراني ، وفقهم الله جميعاً.
وجلست مع الشيخ ربيع والشباب .
الشيخ ليس كما كنت افكر : "من حين تجلس معه ما في إلا ضرب، وغضب، وسب، وشتام ،أتخيل مثل هذا ، جمرة نار من كلام الناس، الله يكفينا وإياكم شر مسامع السوء".
بعد ذلك أراد الله عز وجل أن يسكن الشيخ ربيع إلى جواري في حي العوالي. فصار قريبا مني ، صرت التقي به ، إذا صلي في المسجد الذي بجوارنا، وأحيانا أصلي معه ، وأحيانا التقي معه في الجمعة ، وكنت كل صلاة جمعة ارجع مع الشيخ من المسجد وأجلس عنده في البيت، وارجع بعد ذلك الى البيت ، وأحيانا أجلس عنده بين المغرب والعشاء.
اكتشفت أن الشيخ شيء ثاني ، غير الكلام الذي سمعته عنه!
رأيت في الشيخ - أسأل الله أن يطول عمره بصحة وعافية وسلامة - ؛
من الأناة.
وعدم التعجل.
والتثبت.
والرحمة بالسلفيين.
والحرص على الدعوة السلفية.
واللين مع الجميع؛
مالم أره في أحد من الناس ممن هو في سن الشيخ ، وفي حال الشيخ.
الشيخ خلاف الصورة التي صورت لي عنه!
فإذا جاءتني مسامع سيئة عن الشيخ ربيع قبل أن التقي به في هذه الصورة ؛ فما بالك بالبعيد ، ولا يرى من الشيخ ، ولا من أهل العلم إلا الردود ، وجرح فلان ، وجرح فلان ، ماذا يظن ؟!
يظن أن الشيخ جراح ؛ طول الوقت جالس ويضع في المشرحة فلاناً وفلاناً!
هكذا يصفون الشيخ ، ويظنونه على هذه الصورة! 
والسبب الجهل بحال الشيخ ؛
لذلك إذا سمعت واحداً يسب شيخاً سلفياً أي شيخ لا تستعجل عليه بالكلام؛ اهدأ تركد ، وحاول أن تعطيه الصورة الصحيحة.
ترى في الغالب بسبب جهله بحال الشيخ يتكلم بهذا الكلام .
تأنوا مع الناس ،
ترفقوا بالناس ،
عاملوا الناس بالحكمة ،
حاولوا ان توضحوا للناس حقيقة الحال.
ترى والله ما انتم عليه - بإذن الله ولا ازكيكم على الله - هي المحجة البيضاء التي تركنا عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزيغ عنها إلا هالك (1)، هو الصراط المستقيم لأن شعارنا متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وفهم الدين والعلم على طريقة السلف الصالح هذا شعارنا "الإتباع "،
وما أظن مسلماً في الدنيا يسمع شعارك اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ، وما كان عليه السلف إلا ويقبل هذا الأمر!
والقضية أنت كيف تدعو الناس؟!
سمعت قبل يومين من أحد المشايخ ينقل عن بعض السلف أنه قال : ادعوا الناس وانتم صامتون ، فقالوا : يرحمك الله كيف ندعوهم ونحن صامتون ، قال: بأعمالكم
الآن بعض الشباب السلفي ينفر الناس وهم يتكلمون ، لا يدعو الناس بل ينفر الناس ، والرسول صلى الله عليه وسلم قال : "يسروا ولا تعسروا ، بشروا ولا تنفروا "( 2 ) ، "إنما بعثتم ميسرين ، ولم تبعثوا معسرين " ( 3 ).
الرسول عليه الصلاة والسلام كان يأتيه فلان ، وفلان يسلم ، يقول: والله لقد اتيتك يا رسول الله والله ما أحد أكره في قلبي منك ( 4 ) ، يقول هكذا ولكني الآن أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .
ليكن اسوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
لماذا إذا رأينا واحداً يتكلم في شيخ سلفي على طول نرده ونرفضه و لا نحاول نوضح له الصورة؟!
اكيد هو فاهم الصورة خطأ.
حاول توضح بهدوء .
حاول تترفق في الكلام.
عامله بالحكمة ، لا تدعه ولا تتركه وانت عارف ممكن توصل لشيء ،
إلا لما تيأس نهائيا ،
وتعرف أن الحجة قامت عليه ،
وأن الأمر اتضح ،
وأنه ما زال مصراً على باطله ،
عندها حذر منه .
أما من البداية لا ، لا تجعل هذه القضية بهذه الصورة ،
وأسأل الله عز وجل أن يعيننا وإياكم ، لأن الحقيقة الدعاية السيئة عن السلفيين كثيرة ، وعامل من عوامل الدعاية السيئة نحن ، بعض السلفيين ، بعض لحمتنا ، بعض شبابنا ، بعض أحبابنا بطريقتهم العنيفة ، بتشددهم ، برميهم الناس بدون تأني، وجعلهم مقاييس للعلم غير مقاييس أهل العلم ، وأهل السنة والجماعة ؛
ولذلك يا إخوة
تركدوا .
واهدؤوا .
وترفقوا .
وكونوا أهل حكمة ، وعاملوا الناس بالصبر ، وإن شاء الله يصلح كثير مما ترونه من هذه الأمور السيئة .والله الموفق
__________________________
(1 ) عبدالرحمن بن عمرو السلمي أنه سمع العرباض بن سارية يقول : "وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ذرفت منها العيون و وجلت منها القلوب ، فقلنا : يا رسول الله إن هذه لموعظة مودع فماذا تعهد إلينا ؟ قال :" قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك و من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بما عرفتم من سنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ و عليكم بالطاعة و إن عبدا حبشيا ، فإنما المؤمن كالجمل الأنف حيثما قيد انقاد " . صححه العلامة الالباني في السلسلة الصحيحة" 2 / 648 تحت رقم 937 ، وقال رحمه الله أخرجه ابن ماجه ( 43 ) و الحاكم ( 1 / 96 ) و أحمد ( 4 / 126 ).
( 2 ) عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا " رواه البخاري في صحيحه ، كتاب العلم ، باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولهم بالموعظة والعلم كي لا ينفروا ، تحت رقم 69 / ومسلم ، كتاب الجهاد والسير ، باب في الأمر بالتيسير وترك التنفير ، تحت رقم 1732
( 3 ) عن عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي الْمَسْجِدِ فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ ، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " دَعُوهُ وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ " ، رواه البخاري في صحيحه ، كتاب الوضوء ، باب صب الماء على البول في المسجد ، تحت رقم 217 / والبيهقي في سننه الكبرى ، كتاب الحيض ، جماع أبواب الخشوع في الصلاة ، تحت رقم3903 / وفي مسند الموصلي ، مسند أبي هريرة ، تحت رقم 5830/ جامع الترمذي ، أبواب الطهارة تحت رقم 137 / مسند الإمام أحمد ، مسند العشرة المبشرين ، باقي مسند المكثرين من الصحابة ، مسند أبي هريرة ، تحت رقم 7082.
(4 ) جاء في قصة اسلام الصحابي الجليل ثمامة بن أثال رضي الله عنه الطويلة: "فانطلق إلى نجل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله يا محمد والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلي من وجهك فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلي والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك فأصبح دينك أحب الدين إلي والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك فأصبح بلدك أحب البلاد إلي " ، رواه البخاري في صحيحه ، كتاب المغازي ، باب وفد بني حنيفة ، وحديث ثمامة بن أثال ، تحت رقم 4114/ ومسلم ، كتاب الجهاد والسير ، باب ربط الأسير وحبسه وجواز المن عليه ، تحت رقم 1764